هناك شيئان أساسيان هما عدم التواصل والتخلي عن الدور الأصلي للأسرة
فالأسرة تخلت أو فوضت غيرها في المهام الأساسية التي هي التربية والتنشئة
الاجتماعية والأهم من هذا وذاك هو كذلك لما نقول عدم التواصل تفيد أن
أولادهم يلتقون بأيدٍ آثمة ويصحبون صحبة غير جيدة أي منهم على شاكلتهم أو
أسوأ نتيجة للفراغ ربما الذي يوجد عند التلميذ وهناك قاعدة أساسية تقول
(الطبيعة لا تقبل بالفراغ) فإذا كان يوجد هناك فراغ فكري تربوي علمي روحي
ديني ثقافي لا تملؤه الأسرة كما يجب فسوف يأتي من يملؤه المهم الآن أن
نبحث عمن يملأ ذلك الفراغ الموجود أو الذي قد يكون موجودا عند شبابنا من
الجنسين وهذا طبعاً يؤدي لكثير من العواقب الأليمة العواقب غير المطلوبة
والعواقب غير المرضى عنها فإذن هذه هي الأزمات التي نعيشها في وقتنا
الحاضر في العصر الذي نحن فيه . [/size]
وكذلك
نقطة رابعة وهي أن الأسرة العربية بصورة عامة ونحن في مجتمعاتنا العربية
انتقلنا مباشرة من نمط معين في الحياة إلى نمط جديد هو ما يسمى بالنمط
العصري بدون أن نأخذ حذرنا منه جيدا أو على الأقل دون أن نأخذ في الاعتبار
بأن نحضر أنفسنا نحن كأولياء أمور ونحضر أبناءنا لهذا النمط من العيش وهذا
طبعاً يحتاج إلى تريث وإلى تربية ويحتاج إلى تخطيط مدروس عملي وأؤكد في
نهاية حديثي على التواصل لأن التواصل مهم جداً وهو النقطة الأساسية لأن
الشباب اذا أحسوا أنه ليس هناك تواصل بينهم وبين أولياء أمورهم يتولد
لديهم انطباع بأنهم مرفوضون من أسرهم وبذلك سوف يتجهون إلى مكان آخر وإلى
صحبة أخرى يحسوا فيها أنهم مقبولون وهذا مهم جداً وهذه النقطة هي أم
المشاكل .
@ على الأسرة أن تراقب التغيرات التي تحدث في السلوك المدرسي
وحول
أهمية الوقاية من تلك الجرائم يشاركنا الحوار مدير التعاون الدولي بجامعة
نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور صقر بن محمد المقيد بقوله: نحن الآن
أمام قضية معقدة، وهذه القضية هي بمثابة اعتداء على الضرورات الخمس التي
أجمع عليها العلماء، فضلاً عن اعتداء هؤلاء الشبان على أنفسهم، وقبل أن
أدلج في هذه الواقعة، أود ان أوضح ان الجريمة ظاهرة كونية، ومهمة الشرطة
في جميع دول العالم هي ضبط الجريمة، أما مكافحة الجريمة فهي قضية أخرى
مختلفة تماماً وهي مسئولية مشتركة بين فئات المجتمع ومؤسساته، وحتى في
أزهى عصور الإسلام اغتيل ثلاثة من الخلفاء الأربعة، ومعلوم للجميع أن
بدايات الكون كانت بجريمة قتل اثر خلاف بين هابيل وقابيل على اختيهما
لبودا واقليما.
وفي
خضم التحديات الراهنة، والعولمة، والقنوات الفضائية، والطغيان المادي
الجارف، فإن السياسة الجنائية العالمية تمر بأزمات ومشكلات، ولابد لهذه من
مواجهة الانحدار القيمي والتقني الهائل سيما وان المجتمعات غدت تتسم
بالنزعة المادية والانكماش في الحياة المادية فضلاً عن النزعة نحو
الأنمانية وانحسار الشعور الإنساني. ومن هنا فإن الانحراف عن القيم
الاستراتيجية في المجتمع يوجب تدخل الضبط الاجتماعي الايجابي الذي يعمل
على إعادة التوازن لصد الإنجراف، وعادة ما يشكل الضبط الاجتماعي خط الدفاع
الأول لقمع الانحراف والتصدي له، ومثال ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه
أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ويبين هذا
الحديث الشريف ان زواج الشباب يترتب عليه ضوابط اجتماعية وقائية تكون وجاء
لبعض السلوكيات المنحرفة.. كما ان القدوة الحسنة لها أثر جلي في شخصية
الشباب خاصة (من هم في سن المراهقة) عادة ما ينظر المراهق أو المراهقة
للقدوة الحسنة على انها مثال يحتذى ومن ثم فإن انحراف القدوة له آثار
سلبية كبيرة في نفس المراهق أو المراهقة مما يدفعه أو يدفعها في النهاية
إلى العديد من المخالفات السلوكية، وتعد المدرسة المصدر الثاني بعد الأسرة
في الاقتداء نظراً لما يمثله المدرس أو المدرسة من شخصية محورية أمام
الطلاب والطالبات خاصة في مرحلة المراهقة وهي المرحلة الحرجة ما بين مرحلة
الطفولة ومرحلة النضج، ويرى علماء النفس ان الانحراف سلوك مناقض للمجتمع
تسيطر عليه الحاجات الغريزية على الفرد نتيجة فشل التربية في تحويل هذه
إلى كائن اجتماعي.
ويبقى
فاعل المنكر معول هدم في المجتمع ويجب ردعه بالأحكام الشرعية، وإقامة
الحدود على العابثين هي رسالة الإسلام التي تحفظ الحقوق وتستقيم بها
الحياة، ولابد على ذلك من الاهتمام بالنشء وبالمراهقين على الأخص،
فالأبناء ثروة لا يجب التفريط بها، فلابد لولي الأمر من أن يكون عيناً
ساهرة على ابنائه من رفقاء السوء والانحلال فكم رفيق أوقع رفاقه في مزالق
الهوى وحبائل الشيطان ومهاوي الرذيلة، وهذا العصر زاخر بالمغريات ووسائل
الانحراف الأخلاقي والفكري، والافراط يقود إلى افساد الابنة والتغاضي عن
اخطائهم واهمالهم ربما يقودهم إلى أن يكونوا لقمة سائغة للذئاب البشرية.
وغني
عن القول ان مشكلة المخدرات والإدمان، والذي نحن اليوم أمام قضية من
قضاياها اصبحت مصدر قلق يهدد البشرية وباتت الحكومات تسعى إلى استغلال كل
مناسبة للحث على البعد عن المخدرات والتوعية من أخطارها المدمرة وتبذل
وزارة الداخلية ورئاسة الحرس الوطني ووزارة الدفاع والرئاسة العامة لرعاية
الشباب جهوداً مضنية في التصدي لهذه الظاهرة. وطالعنا وسائل الإعلام
العربية والأجنبية بقصص عن وفيات وجرائم جراء تعاطي المخدرات، ومن الطبيعي
ألا يقوم المجتمع باهمال هذه القصص بل ولابد من العمل على توظيفها في سبيل
توعية النشء من أخطار هذه الآفة المدمرة، ومن الثابت ان الشباب الذين
يتعاطون المخدرات ربما يكون أصدقاؤهم يتعاطونها وليس بالضرورة أن يكون قد
ضغط عليهم من قبل أصدقائهم وإنما يتعاطونها بسبب الفضول وحب المعرفة، لذا
فإن انتشار المخدرات يكون دائماً وأبداً عبر رفاق السوء والمشكلة ان
غالبية الأهالي تجهل حقيقة المخدرات، والمخدرات بشكل بسيط هي تلك المواد
التي تسبب تحولا في عمل العقل أو في أعضاء الجسم ومنها الحشيش، الهيروين،
الكوكايين، الكراك، الاكستازي، المهلوسات، الامفيتامينات فضلاً من
المذيبات الطيارة.
وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الشباب لتعاطي المخدرات ومنها:
1- الاعتقاد الخاطئ بأن ذلك يجلب المتعة.
2- التقرب إلى بعض الأصدقاء الذين يستخدمونها.
3- لعدم وجود ما يشغلهم.
4- الفضول وحب المعرفة والتجريب.
5- الرغبة في الوصول إلى سن النضوج المبكرة.
6- الرغبة في المغامرة.
7- الرغبة في الهروب من المشاكل.
8- الرغبة في الانتقام من العائلة.
ومن
هذا المنطلق فإن على الأسرة ان تراقب التغيرات في السلوك المدرسي مثل
انخفاض المعدل وكذلك التعرف على الأصدقاء الجدد ثم التنبه عند فقدان أي
نقود أو أغراض نفيسة من المنزل، وكذلك ملاحظة وجود زيادة في بعض المصروفات
للابن، وعلى الأسرة ايضاً التنبه للانطوائية والميل للسلوك السري وسرعة
الانفعال والعدوانية والكسل والخمول وانعدام الشهية. وفي حال اكتشاف أحد
الضحايا لهذه الظاهرة المقيتة على الأهل محاورة الضحية بأسلوب ودي وابداء
الرغبة في خروجه من هذه الأزمة وعدم اشعاره بالذنب ومساعدته للحصول على
العلاج كما يجب مساعدته في تخليصه من الورطة القانونية وايجاد الدعم
المناسب له والتنسيق مع الأجهزة المعنية بالعلاج، أما من ناحية الجهات
المعنية فعليها اتباع أساليب وقائية منها الإعلام الوقائي عبر حملات
التوعية العامة. إن
هؤلاء الشباب بارتكابهم هذا العمل المشين ضد ضحيتهم فهم ابتداء ارتكبوا
جريمة بحق أنفسهم، وحق وطنهم، وحق دينهم، وحق أسرهم، وحق القيم المجتمعية
برمتها.. وهم ايضاً ضحايا - بلاشك - لرفاق السوء - الذين يقفون وراء اشاعة
الفساد عبر ترويج مثل هذه المواد الخطرة مما يجعلهم يتفننون في ارتكاب
جرائمهم بعد تخمر عقولهم وأرى أن تطرح هذه القضية كقضية رأي عام، ولعل
مبادرة جريدة "الرياض" لهذا التحقيق دليل على النضج الصحفي لهذه الصحيفة
المتألقة التي دأبت على معالجة قضايا المجتمع من منظور مهني متميز.